قصائد من كتاب اللهفة
نمر سعدي
1
يا مالكَ بنِ الريبِ كيفَ يضيئني معناكَ عن بعدٍ بسرِّ الماءِ في وجعي المكابرِ؟ آهِ.. كيفَ يصلُّ في قلبي نثاركَ أو غبارُ صدى السنينْ؟
النجمةُ الخضراءُ في جسدي وفوقَ يدي تحطُّ القبرَّاتُ رؤىً.. قصائدَ.. ذكرياتٍ في الدماءِ ترفُّ أخيلةً تهبُّ من الخريفِ وأغنياتِ الحاصدينْ
قبلَ اكتمالِ قصيدتي سرقَ الشتاءُ أنوثةَ الأشجارِ.. أو سرقَ الغبارُ حدائقَ العشَّاقِ في أشعارٍ طاغورٍ وليلَ الحالمينْ
لا شيءَ عندي.. لستُ أملكُ أيَّ زنبقةٍ يبوحُ بها الجدارُ ولا قصائدَ كيْ أهشَّ بها على قلقي الخجولِ ولستُ أملكُ سيرةً ذاتيَّةً/ شعريَّةً للنشرِ في ويكيبيديا
حطبٌ فمي.. ورقٌ خريفيٌّ شفاهي فوقَ هاويتينِ.. روحي كالفراشةِ في شباكِ النارِ…
هل قلتُ الذي يكفي لأكتبَ صمتَ قلبي أو عذابَ دمي.. لأكتشفَ المسافةَ بينَ ذاكرتي وصلصالِ الحنينْ؟
صادقتُ أنكيدو وعشبَ الليلِ عشتُ مع الصعاليكِ الذينَ تناثروا في الحبِّ والأحلامِ والصحراءِ… جئتُ من الصدى وخرجتُ من ظلِّ الندى ومن الزنابقِ واللظى والبردِ من لغةِ البنفسجِ.. من رخامِ الوردِ من تمثالِ جولييتَ المصابِ برعشةٍ زرقاءَ من قمرٍ يربِّي الشهدْ
وكتبتُ سونيتاتِ شكسبيرَ ذقتُ سفرجلَ الأشواقِ يقطرُ من شفاهِ حبيبةٍ وسياطَ شمسِ الروحِ صادقتُ الرمالَ.. رقصتُ مع مطر الهوى المجروحْ
2
اللهفةُ امرأةٌ تنادي في مزاميرِ الرياحِ عليكَ: عُدْ لي من أقاصي الأرضِ، كنْ شمسي وكنْ قمري وكنْ شجرَ الحديقةِ والقصيدةَ، كيْ أكونَ المرأةَ المرآةَ، أو ضوءَ الفراشةِ في الظلامِ، وكيْ أكونَ الزنبقَ العاري وبنتَ الياسمينِ الأبيضِ الرقراقِ، أختَ سفرجلاتِ الليلِ، بالوجدِ احترقتُ وبالحنينِ، سفينةً رمليَّةً وسليلةَ الماءِ الحزينِ وصوتِ موجِ البحرِ، نورسةَ الأغاني والسنينِ، اللهفةُ امرأةٌ تمرُّ على شفاهي نسمةً، تنهيدةً أو زفرةً ناريَّةً منقادةً بالحدسِ أو بالهمسِ حتى آخرِ الرعشاتِ في الدمِ والحرائقِ في العيونْ
3
قصائدي ذرُّ ريحٍ في الحياةِ وأحلامي رمادٌ وهذي لعنةُ الشُعرا
حرثتُ في البحرِ واستمطرتُ أخيلةً من السرابِ الذي سمَّيتهُ ثمرا
وكنتُ غنَّيتُ في الطاحونِ أغنيةً صارتْ هواءً.. وماءً يابساً.. حجرا
كأنَّ جلجلتي عمياءُ.. يا لدمي فيها يعانقُ ظلَّ الريحِ مستعرا
أحرقتُ شمعةَ قلبي في الحياةِ سدىً لنسوةٍ قلبهنَّ الفظُّ ليسَ يرى
حبِّي الذي كانَ للنارِ الحنونِ فماً وللنسيمِ فراشاتٍ ودربَ سُرى
وللحنينِ قناعاً من ندىً غزلتْ خيوطهُ شمسُ آبٍ مهجةً وعُرى
وزفرةً في الليالي.. ضحكةً.. عبقاً ولهفةً في مهبِّ الشوقِ أو مطرا
تيهَ القصيدةِ في أعلى البحارِ وفي الصحراءِ قافيةً.. رملاً.. صدىً.. شجرا
حرائقَ الماءِ والوردِ الحزينِ وأنهارَ الزنابقِ أو غيماً وراءَ ذرى
أتيهُ في المطرِ الصيفيِّ تحملني ريحُ الكمنجاتِ ظلَّاً أو دخانَ قرى
أتيهُ في آخرِ الأبياتِ.. يلمعُ في عينيَّ دمعٌ خفيفٌ يشعلُ القمرا
يا روحَ شمشونَ تهذي في الظلامِ وفي الريحِ الحرونِ تهزُّ القلبَ غصنَ ثرى:
كلُّ النساءِ أفاعٍ ما من امرأةٍ ضمَّت إلى قلبها قلبي فما انكسرا
شفاهها كرزٌ شهدٌ يراودني عن قمحها المشتهى والصدرُ كمَّثرى
أنا الحياديُّ حزني السرمديُّ غواياتٌ تضيءُ الصدى والماءَ والغجرا
أنا السرابيُّ يا هذا الزمانُ وأحلامي جهنَّمُ من سمَّيتهم بشرا
فكنْ لزنبقتي يا ليلُ آنيةً وكن لأغنيتي أو نبضها وترا
وكنْ لرملِ فمي ماءً.. وأخيلةً للقلبِ.. والحبقَ البيتيَّ والسهرا
4
حكمةُ الشهوةِ في الشقوةِ أو سرُّ هذا الحبِّ في ذاكَ الألم
جسدي كالسلَّمِ المنخورِ كم أرتقي فيهِ لجنَّاتِ الندمْ
5
قلتُ لامرأةٍ ضمَّختني بغيمِ الجمالِ ولهفةِ أثوابها: عنبٌ سكريُّ الملوحةِ تحتَ فمي وسفرجلتانِ من الضوءِ والموجِ تجترحانِ عبيرَ الندى في دمي ورذاذَ حرائقها في شفاهي
فهل أقتفي طيرَكِ المشتهى أم أبوسُ أنوثةَ ماءِ الكمنجاتِ من بابها
إلى مرتقى شمسِ محرابها؟
6
جئتُ أصغي إليكَ.. لعينيكَ.. ماذا تقولانِ؟ في أيِّ أفقٍ تهيمانِ؟
أصغي لنبضكَ.. أصغي لدقَّاتِ أرضكَ.. أهفو إلى نجمةٍ في ثيابكَ
أرفو جراحَ الكمنجةِ فيكَ وأحفنُ ظلَّ الرياحِ التي تتكسَّرُ بعضُ أناشيدها
في شفاهِ المغنِّينَ..
لستُ المغنِّي.. ولا مايسترو الحالمينَ
تحدَّرتُ من زهرةٍ في الضبابِ لأفتحَ شبَّاكَ قلبي على وجهِ أنثى السرابِ
وأكملَ نقصانَ ليلِ الحنينْ
7
وشمٌ بأعلى الصدر أو وشمٌ على الكاحلْ
يا نورساً في القلبِ أو موجاً على الساحلْ
أغفتْ رمالُ فمي على خصرِ الندى الناحلْ
واستسلمتْ ناري لريحِ حمامها الزاجلْ
8
لا أدَّعي شغفَ المجازِ ولا أرى ترفَ البلاغةِ في كلامي، لا أقولُ الشعِرَ لكني أخطُّ على الرمالِ أو الثرى تنهيدتي، فلمن أخطُّ قصيدتي وبريشةِ العنقاءِ أكتبُ؟ قلتُ للريحِ: افتحي شبَّاكَ زرقتكِ الأخيرَ وفي الشتاءِ تفتَّحي ورداً وأخيلةً على أرقي، الرياحُ تشبُّ في جسدي لأحملَ لوعةَ الصلصالِ عن ورقِ الخريفِ، وهمسَ نهرٍ في العراءِ، الطائرُ الجوَّابُ في جسدي يلوبُ على سماءِ الذكرياتِ، يخطُّ قافيةً على الآجرِّ، يشعلُ زرقةَ الليلِ الوحيدِ، يضيءُ وجهَ الليلِ للغرباءِ أو للأغنياتِ وللصدى، جسدي مصبُّ الذكرياتِ السرمديَّةِ، شعلةٌ خضراءُ في الصحراءِ أو عشبٌ سينبتُ ذاتَ صيفٍ في تماثيلِ القصائدِ، أو على الطرقاتِ في ريفٍ بعيدٍ مشمسٍ،شغفي سيكتبني على ورقِ الشتاءِ، كأنَّ ظلَّاً في الرمالِ يسحُّ ماءً في معلَّقةِ امرئِ القيسِ الشريدِ، كأنَّ ماءً في القصيدةِ راحَ يأخذني إلى المعنى ولا أقمارَ في لغتي ولا وقتٌ لكيْ أنسى ولا مطرٌ من الماضي يهبُّ، أنا الإشارةُ والعبارةُ والتباريحُ الجميلةُ والتلفُّتُ للوراءِ، أنا الحنينُ المستضاءُ بما تأمَّلَ شاعرٌ في الكونِ أو قالَ المحبُّ
9
أغفى حزيرانُ كالقطِّ الأليفِ على أعتابنا، جاء من موجِ السنابلِ، من كحلِ الأغاني التي يوماً ستنتحرُ
أغفى طويلا كما أغفى على دمنا حزنٌ من الوجعِ الدهريِّ ينحدرُ
على شفاهي كلامٌ ضائعُ وعلى عينيَّ تحترقُ النجماتُ والقمرُ
ليتَ الفتى حجرٌ، ليتَ الحياةَ صدى لحنٍ قديمٍ ويا ليتَ الصدى وترُ
أغفى حزيرانُ.. قلبي صارَ يوجعني كأنهُ دمعُ هذي الأرضِ ينهمرُ
لمنْ ستصدحُ موسيقى المجازِ ولا ظلالَ في لغةِ الرؤيا ولا شجرُ؟
أنا وحيدُ ينابيعِ الشموسِ وضلِّيلُ القصائدِ والصحراءِ، زنبقتي من الرياحِ التي بالماءِ تستعرُ
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency